ديباجــــة :
- التفاصيل
- نشر بتاريخ السبت, 01 شباط/فبراير 2014 11:56
- الزيارات: 7757
مهما اختلفت أشكال العرض والتقديم، تظل الحقائق التاريخية ثابتة لا تتغير وتظل القرويين الحدث المعجزة والنواة الأولى لشجرة العطاء المزهرة المثمرة، و يرجع الفضل في غرسها ووضع أسسها، للفاضلة ابنة الكرماء السيدة فاطمة بنت محمد الفهري، حيث أنفقت في سبيل إنجاح غايتها النبيلة كل ما ورثته عن أبيها من مال وفي، وذلك عام 245هـ 589م وبهذا تكون جامعة القرويين أسبق في التأسيس والتواجد من نظيراتها في الدول الأخرى كالأزهر في مصر عام 360هـ و ساليرن بإيطالبا عام 1050م و التي أصبحت معروفة بمدرسة نابولي عام 1180م وجامعة بادوا عام 1222م من وسالامانكا بإسبانيا عام 1243م وأكسفورد عام 1249م وكمبريدج ببريطانيا عام 1284م.
وقد أصبحت جامعة القرويين بعد فترات انتقالية مقرا للدراسات الإسلامية العربية وحضنا لجميع فروع المعرفة من فقه وتفسير وحديث ولغة وفلسفة وطب ورياضيات وتنجيم وفلك ...وغير ذلك من العلوم. فتخرج منها الصلحاء والعلماء النبغاء المشهورين أمثال : الفقيه المالكي أبو عمران الفاسي، من أعلم الناس في وقته وأحفظهم، بلغ درجة الاجتهاد في المذهب المالكي (ت 430هـ).
والمفسر الضليع والقاضي النزيه أبو بكر بن العربي المعافري (ت543هـ). وابن رشيد السبتي (ت 721هـ). وابن البناء المراكشي أشهر رياضي عصره (ت 723هـ). وابن أجروم النحوي الذي ألف بها كتابه المشهور في النحو ـ المقدمة الأجرومية ـ (ت 723هـ). وابن الحاج الفاسي العبدري (ت 737هـ). وابن ميمون الغماري صاحب "رسالة الإخوان من أهل الفقه والقرآن" (ت 917هـ). والقاضي أبو العباس أحمد بن الحسن بن عرضون الغماري (ت 992هـ) الذي أفتى بمساواة قسمة المرأة والرجل في العمل، وهو ما يسمى بالحق في الكد والسعاية.
كانت القرويين قبلة للعلماء والزوار من مختلف أصقاع العالم، حيث زارها المؤرخ وعالم الاجتماع المشهور ابن خلدون (ت808هـ) والجغرافي الشريف الإدريسي (ت 560هـ)، وابن زهرالإشبيلي (ت 557هـ )، ولسان الدين بن الخطيب (ت 776هـ) وابن مرزوق (ت 781 هـ) وغيرهم... وزارها أيضا في إطار الإنفتاح وتشجيع المحاورة بين الأديان، القسيس نيكولا كلينار من بلجيكا لأجل تقوية معارفه في اللغة العربية على يد علمائها ابتداء من سنة 947م، والأسقف أندريه (ت 983م). وتلقى علومها أيضا جيربرت دورياكGerbert d’aurillac الذي أصبح فيما بعد بابا الفاتيكان تحت اسم سلفيستر الثاني من عام (999م إلى 1003م). وهو الذي أدخل الأرقام العربية لأوروبا بعد رجوعه إليها. كما أن الطبيب والفيلسوف اليهودي موسى بن ميمون (ت 1204م) قضى فيها بضع سنوات زاول خلالها مهنة التدريس.
هكذا كانت جامعة القرويين منفتحة على مجالات معرفية مختلفة واتصف علماؤها عبر العصور بالوسطية والاعتدال.
وكما أدت دورها المعرفي العلمي، أدت دورها السياسي والاقتصادي والحضاري أيضا، تجلى ذلك في اتخاذ القرارات الحكيمة الرشيدة التي تهم الأمة من بيعة، وسلم، وحرب، ومقاومة. هذا الإشعاع الكبير جعل المستعمر الفرنسي ينعتها بالبيت المظلم، وكان الجنرال ليوطي يردد دائما " احذروا البيت المظلم، إياكم والبيت المظلم".
هذا وإن كانت جامعة القرويين قد أدت هذه الرسالة النبيلة المعطاءة، فينبغي الآن أن تستمر في عطائها، وأن تقف أمام التحديات المختلفة التي تواجه الأمة وقد سلكت جامعتنا العتيدة المجدّة في منهجها دائما الأهداف والغايات الآتية :
1 ـ استمرارية الذود عن الشأن الديني وحماية الأمن الروحي للمغاربة بتخريج علماء أكفاء ساهموا في التنمية الشاملة للبلاد.
2 ـ تعميق البحث حول وحدة المذهب الذي هو من وحدة الأمة، بالحفاظ عليه وعلى سيرورته من الأفكار الدخيلة والمذاهب الهدامة.
3 ـ نشر الثقافة الإسلامية وحماية اللغة العربية.
4 ـ الدفاع عن ثوابت الأمة العربية والإسلامية ونشر الفكر الوسطي الإعتدالي.
5 ـ حماية القيم الإنسانية وتزويد مرافق الدولة بالأطر والكفاءات والإنفتاح على سوق الشغل.
جامعة القرويين الرئاسة ©